فلسطين

تحليل Puls48: ترامب أنهى حل الدولتين

Puls48

Udgivet af: Bilal Kais

لم يتطلب الأمر سوى تصريح واحد حتى يتم تمزيق حل الدولتين. ففي تصريح أطلق صدمة حول العالم، أعلن دونالد ترامب أن غزة ستتعرض لعملية تطهير عرقي، وأن سكانها سيُجبرون على النزوح إلى دول الجوار مثل الأردن ومصر. وإذا كان لدى أحدهم شك في طموحه لنسف أي رؤية للسلام تقوم على وجود دولتين، فإن هذا التصريح شكّل التأكيد النهائي.

جاء تصريح ترامب خلال زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، رغم أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت مذكرة توقيف بحقه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ومن خلال دعوة نتنياهو وتجاهل مذكرة التوقيف، يُظهر ترامب ازدراءً واضحاً للقانون الدولي. ويؤكد هذا الموقف أيضاً قيامه بإلغاء العقوبات المفروضة على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، مما يكرس دعمه للمصالح الإسرائيلية على حساب حقوق الفلسطينيين.

لقد مات حل الدولتين رسمياً، ما يطرح تساؤلاً: أين يقف الاتحاد الأوروبي الذي طالما دافع عن هذا الحل؟

وصف ترامب غزة بأنها “منطقة هدم”، وتحدث عن النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل – لكن ليس للفلسطينيين. فبحسب خطته، سيتم تهجيرهم قسرياً لإفساح المجال أمام “بنية جديدة”. وقد أشار مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى أن هذا يشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، إذ أن “أي نقل قسري أو ترحيل لأشخاص من أراضٍ محتلة محظور تماماً”.

وعندما يدّعي ترامب أن سكان غزة “سيحبون مغادرة المنطقة”، فإنه يكشف جهله التام بالروابط الثقافية والتاريخية التي تربط الفلسطينيين بأرضهم. وقد شدد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، على خطورة هذا النهج، قائلاً: “أي تهجير قسري للبشر يُعد بمثابة تطهير عرقي”.

ليست هذه المرة الأولى التي تتجاهل فيها قوة عظمى حقوق شعب لتحقيق أهداف جيوسياسية، لكن نادراً ما نسمع تصريحاً مباشراً كهذا من زعيم عالمي. لا تجميل في هذا الكلام – غزة يجب أن تُطهّر، نقطة انتهى.

احتلال مقنّع تحت اسم “أمن المنطقة”

وكأن ذلك لم يكن كافياً، لم يستبعد ترامب إرسال قوات أمريكية إلى غزة خلال عملية “إعادة الإعمار”. وقد أثبت التاريخ أن التدخلات العسكرية غالباً ما تتحول إلى احتلال طويل الأمد يؤدي إلى المزيد من القمع. الاعتقاد بأن الولايات المتحدة قادرة على تحقيق الاستقرار في غزة من خلال السيطرة العسكرية أو مشاريع التنمية الاقتصادية، هو إما سذاجة أو تجاهل متعمّد لتاريخ المنطقة.

هذه الاستراتيجية وصفة جديدة لدورة من القمع. وسيكون نتيجتها اتساع الفجوة بين الفلسطينيين والمجتمع الدولي، الذي من المفترض أن يحمي حقوقهم، لكنه خذلهم مراراً وتكراراً.

وقد انتقدت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية في الدنمارك، فيبه كلاروب، هذا الموقف بشدة، قائلة: “هذا غير إنساني. هذا غير قانوني. إنه تجاوز لكل معاني الإنسانية. الاستيلاء على أرض شعب آخر هو غزو”.

الموت النهائي لحل الدولتين

لطالما دعم المجتمع الدولي فكرة حل الدولتين، رغم أن إسرائيل عملت مراراً على عرقلة قيام دولة فلسطينية. وقد وقف المجتمع الدولي إما متفرجاً أو داعماً بشكل مباشر أو غير مباشر للأفعال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الإبادة الجماعية في غزة.

أما اليوم، فقد تم فعلياً دفن حل الدولتين بدعم ترامب الأحادي للمصالح الإسرائيلية والأمريكية – التي تشمل الوصول إلى غاز غزة، وحلم “إسرائيل الكبرى”، الذي لا يتوقف عند حدود فلسطين، بل يطمح لابتلاع أجزاء واسعة من الشرق الأوسط. ومن خلال عدم رفضه لضم غزة والضفة الغربية المحتلتين بحكم الأمر الواقع، وإنكار حق الفلسطينيين في أراضيهم، أوضح ترامب أنه لا مكان للسيادة الفلسطينية في رؤيته للمنطقة.

حتى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة أعربوا عن غضبهم. الأردن ومصر، اللذان يزعم ترامب أنهما سيستقبلان ما يصل إلى 1.8 مليون لاجئ فلسطيني، أعلنا بوضوح رفضهما لأي خطة من هذا النوع. وبالتالي فإن خطته ليست فقط إهانة للفلسطينيين، بل أيضاً لشعوب المنطقة. والسؤال الآن: هل ستبقى منطقة الشرق الأوسط متفرجة؟ أم ستواجه السياسات الأمريكية والإسرائيلية؟ تمتلك دول المنطقة عدة خيارات – أبرزها بيع النفط بعملة غير الدولار.

تطهير عرقي

جزء أساسي من خطة ترامب هو تهجير الفلسطينيين من وطنهم إلى دول الجوار، التي يزعم أنها ستستقبلهم. هذا هو التطهير العرقي – التهجير المنهجي لشعب بأكمله. أن يُقترح تهجير ملايين البشر كما لو كان الأمر تمريناً لوجستياً، هو فكرة مهينة وغير إنسانية، وتكشف عن رؤية ترامب للعلاقات الدولية كصفقات تجارية فقط. وإذا رفضت الأردن أو مصر – كما حدث بالفعل – فإن ترامب يهدد بوقف جميع المساعدات الاقتصادية. في عالم ترامب، كل شيء يمكن شراؤه وبيعه.

كما أن ذلك يبعث برسالة خطيرة مفادها أن لا مكان لحقوق الإنسان، بل للمصالح الجيوسياسية فقط – ما يُهدد النظام العالمي برمّته.

النظام العالمي المتشائم لترامب

هذه الخطة تمثل دعوة صريحة للقضاء على الشعب الفلسطيني. لم نعد نتحدث عن دبلوماسية أو تفاوض أو حل عادل. ترامب يطرح نموذجاً يُبرر فيه استخدام القوة كل شيء – حتى التطهير العرقي والاحتلال. إنها تأكيد على مبدأ أن القوى الكبرى يمكنها تحديد مصير الشعوب الضعيفة دون خوف من العواقب.

هذا النظام العالمي يقوّض أي أمل في حل يقوم على العدالة – ليس فقط في فلسطين، بل في العالم أجمع. والمجتمع الدولي يقف اليوم أمام مفترق طرق: هل سيُدين هذا النوع من الإبادة؟ أم سيستمر في الصمت وقبول أن القانون قد خضع لجريمة ترامب العلنية ضد النظام القانوني العالمي من خلال سرقة غزة؟ إذا كان الجواب هو القبول، فإننا نخاطر بأن تكون رؤية ترامب مجرد بداية لعصر تُسلب فيه الشعوب في كل مكان حقها في تقرير مصيرها.

Vær med til at skabe en mere nuanceret og retfærdig fortælling om Palæstina.

Skriv et svar

Kort nyt
Debatindlæg

Download Puls48 App

Følg os på:

Vi samarbejder med et stort netværk af journalister, der sikrer nøjagtig og aktuel dækning fra de mest essentielle steder og begivenheder. Vores ambition er at dække de historier, der fortjener opmærksomhed, og præsentere faktuel nuanceret indsigt.

Tak, du er nu tilmeldt puls48 nyhedsbrev

Vær med til at skabe en mere nuanceret og retfærdig fortælling om Palæstina.